من جريدة الشرق الأوسط

من جريدة الشرق الأوسط قرأت هذا المقال الممتاز اليوم للأستاذ مشعل السديري و أحببت أن أشارك فيه قراء الموقع.

ثقافة الخصيان
بعد أن سقطت الخلافة العثمانية إلى الأبد بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، انطلق البعض للمناداة برجوعها ـ أو بمعنى أصح رجوع عقارب الساعة إلى الوراء ـ، ومن ضمن هذه البقايا الحالمة بعض «الإخوان المسلمين» ومن تأثر بهم .
هذه الخلافة العثمانية التي هي امتداد للكثير من الخلافات في التاريخ الإسلامي التي لو سلط الضوء الجهير على خفايا تاريخها لتوارى المسلمون من شدة الخجل.
والمشكلة المتأصلة في الكثير من جمهرة المسلمين أنهم لا يقرأون، وإن قرأوا لا يتمعنون، وإن تمعنوا لا يفكرون، وإن فكروا لا يفهمون، وإن فهموا لا ينتقدون أو يتمردون أو حتى على الأقل يعترفون، بل إنهم فوق ذلك كله يكابرون و«يواقحون» ويكذبون، ويعسفون الحقائق عسفاً لكي توافق أهواءهم وأحلامهم.
وإليكم نبذة صغيرة جداً من التاريخ المشرق «للخلافة العثمانية» المجيدة، وأقدمه هدية للمتباكين على الخلافة، وهذه النبذة تدور حول «ثقافة الخصيان»، وأرجو منكم المعذرة على تطرقي لهذا الموضوع الذي لا أقول عنه إنه شائك، ولكنه سلبي، لأنه يسلب من الرجل أعز ما يملك من أداة تحفظ نسله وتمتعه كبقية مخاليق الله.
ومثلما ذكرت لنا الوثائق المؤكدة أنه من بداية القرن الخامس عشر كان أغلب «خصيان الخلفاء» هم من البيض، ويأتون بهم من البلاد الأوروبية التي احتلوها، وبعد ذلك دخل على الخط الخصيان السود في حكم الخليفة «مراد الثالث»، ووزعت أدوارهم، فالخصيان السود يحمون الحريم ويشرفون على شؤونهن، أما الخصيان البيض فمهمتهم خدمة الخليفة والسهر على راحته، وكانت أعمارهم تتراوح بين الخامسة عشرة والخامسة والعشرين، وإذا تجاوزوا هذا السن التحقوا كموظفين في سلك الدولة.
والسود منهم كانوا ينتقون من العبيد الذين تحضرهم القوافل القادمة من دارفور وسنار، والأطفال منهم يخصون عند موقع قرب أسوان، ولا يخصيهم إلا أشخاص من القبط، هل تعلمون لماذا؟! أنا أقول لكم لماذا؟! لأن المشايخ والمفتين حفظهم الله يقولون: إن الشريعة الإسلامية تحرم ذلك إذا كان الخاصي مسلماً، أما إذا كان غير ذلك فلا بأس ولا حرج.. يا سلام، يا سلام سلم على «هيك» إسلام (!!)
وبعد ذلك يبدأون بتثقيفهم وتدريبهم على الخدمة وآداب السلوك.
هذه نبذة مختصرة وفكاهية إلى درجة البكاء، أقدمها كهدية ملفوفة بورق «السلوفان» لكل من لا تزال تحتشد في رؤوسهم «أحلام العصافير» ولا أقول «الخصيان»، على أمجاد الخلافة.
يا له من تاريخ، ويا لها من ثقافة، تلك التي لا تدور ولا تتمرجل إلاّ حول تلك المنطقة الخطيرة والمفرطة في حساسيتها.
والحمد لله رب العالمين على العافية.. كم أنا فرحان على حالي.






تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الديمقراطية بين براثن الديبلوماسية العربية والسلطوية

Syria enters into the Islamic Resistance Den

قراءة موضوعية لموقع الناقد