سيادة الوزيرة الفاضلة بثينة شعبان تتحدث في "الحديد والمخابرات

تفضلت علينا وزيرة المغتربين الموقرة بمقالة نشرتها صحيفة الشرق الأوسط يوم الإثنين
5-9-2008 تتبجح فيها بفرحة يملأها روح التشفِّي والتجريم من أعداء العرب الأبدين اللدودين إسرائيل و الولايات المتحدة الأمريكية وتشهد بتراجع نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة. وكما إعتدنا على سماع الإسطوانة نفسها من وزراء الجمهورية العربية السورية، أن الوحدة العربية والإخاء بين الأشقاء العرب وإتخاذ زمام أمورهم وحل مشاكلهم بأنفسهم ، هو كل ماتهدف له سوريا تحت القيادة الحكيمة للرئيس بشار الأسد أطال الله في عمره وأدامه لسوريا وشعبها الحر.

لم أفاجأ في ماقرأته في مقال السيدة شعبان، فبعد ماجرى في المنطقة في غضون الأسابيع الماضية من صفقات لم تكن متوقعة وبعد أن إجتاح حزب الله وسط بيروت الشهر الماضي وتراجعت قوى الرابع عشر من أذار لتصون لبنان وتحافظ على سلامته وأمان شعبه، وجاء إتفاق الدوحة ليحقق المكاسب السياسية والإستراتيجية لقوى المعارضة بالحفاظ على سلاح حزب الله وإعطائه حق الفيتو على الحكومة المستقبلية للبنان، ومن بعده إنتخاب الرئيس اللبناني التوافقي العماد ميشيل سليمان، تسابق الرئيس السوري بشار الأسد للفت النظر في الإعلام إلى دوره الإيجابي في تحقيق الإتفاق اللبناني بتصريح له خلال زيارته للإمارات العربية المتحدة نشره موقع سيريا كومنت قال فيه "الأفكار التي طرحناها هي نفس الأفكار التي أعطيناها للفرنسيين في السنة الماضية عندما كانوا في طور المفاوضات بين الأطراف، ولكنهم لم يفهموا هذه الأفكار أو يطبقوها صحيحاً" مشيراً إلى أن سوريا لعبت الدور الصحيح عندما أخبرت فرنسا أنها لاتملك النفوذ المباشر كما يظنون على أطراف المعارضة اللبنانية. فكلما أخذ الرئيس السوري المبادرة في الحديث عن المكاسب السياسية والإستراتيجية التي تبدو للقيادة السورية أنها الرابح في معركتها اليوم مع الولايات المتحدة وإسرائيل، يتسارع وزراء الولاء والمدح في الحكومة السورية للمزاودة في خطاباتهم و كتاباتهم وتصريحاتهم والتصفيق المباشر والغير المباشر للقيادة الحكيمة للوطن.

مالفت نظري من سخافة الكلام والشعارات المعتادة من أعضاء الحكومة السورية هو ماقالته سيادة وزيرة المغتربين في إنتقاد خطابات المرشحين الأمريكين لرئاسة الولايات المتحدة و وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس أمام مؤتمر اللوبي الإسرائيلي إيباك الأسبوع المنصرم، في نوايا الولايات المتحدة الأمريكية في العراق، فقالت مايلي : " ومن ثمّ يجري التعتيم على محاولات تمرير مشروع الإتفاقية الإستعمارية الجديدة بين واشنطن وبغداد، والتي ببساطة تريد تحويل العراق إلى قاعدة دائمة للولايات المتحدة، وإخضاع الشعب العراقي بالحديد والمخابرات." ياإلهي!!!! هل من الصحيح ماقرأت؟ عدت لأقرأ تلك الجملة مرة أخرى للتأكد بما تقوله سيادة الوزيرة الحكيمة. "مشروع الإتفاقية الإستعمارية الجديدة بين واشنطن وبغداد"؟!! "إخضاع الشعب العراقي بالحديد والمخابرات"؟؟!!
هل نسيت سيادة الوزيرة طبيعة الحكم البرلماني العراقي اليوم؟ وهل تجاهلت إلتزام الحكومة العراقية بعرض أي إتفاقية تتوصل إليها مع الولايات المتحدة الأمريكية على البرلمان العراقي لتصديقها؟ عراق اليوم التي خاضت عام 2005 أول إنتخابات عربية نيابية تعددية حرة لإختيار نواب البرلمان ومجالس المحافظات في ظروف أمنية معقدة منذ تاريخها الإستقلالي، والذي شارك به أكثر من 6655 مرشحاً، ووصل تعداد لوائح الإنتخابات إلى أكثر من 110 لائحة، وشارك أكثر من 307 حزباً و 19 تحالفاً من التيارات والأحزاب والمستقلين فيها، والتي تم مراقبتها من قبل أكثر من مايقارب على 12000 مراقب دولي، وشارك بها أكثر من 70% من أصل 15 مليون ناخب، تخضع اليوم في رأي السيدة شعبان لحكم الحديد والمخابرات، و سوريا تفتخر بأجهزة أمنها ومخابراتها التي تسهر على حماية المواطن السوري من الأعداء والعملاء وتزجهم بالسجون بعد محاكمتهم أمام محكمة أمن الدولة الإستثنائية. عملاء مثل البرفسور عارف دليلة والأستاذ كمال اللبواني وعضو مجلس البرلمان السابق رياض سيف و المحامي أكرم البني وغيرهم من سجناء الرأي والضمير. سوريا اليوم تفخر بنظام إنتخاباتها البرلمانية الديمقراطية المستقلة التي جرت في عام 2007 وتضمنت لوائح الأسماء المسبقة الإختيار و"قوائم الظل" للمستقلين المدعومة من السلطات السورية والحزب الواحد القائد "للدولة والمجتمع" وجبهتها الوطنية التقدمية التي تتمتع بحرية الأحزاب وتعدادها الذي لايتجاوز السبعة ذو الولاء والطاعة للحزب الحاكم، والتي لم يشارك بها أكثر من 4.5 % من الناخبين السوريين.
في نظر السيدة الوزيرة العراق اليوم الذي يرأسه أول رئيس دولة ورئيس وزراء شرعيين يمثلون الأغلبية الحقيقة الرابحة من اللوائح المرشحة لتلك المناصب يخضع لحكم الحديد والمخابرات، وسوريا التي يرشح حزبها الواحد وبرلمانها المصفق المرشح الوحيد لرئاسة الدولة السورية في غضون خمس دقائق تُحكم بالديمقراطية والحرية تحت حكم الطوارىء منذ 1963. هل من المعقول اليوم أن تصدق سيادة الوزيرة أن هناك من عاقل اليوم يشتري ماتبيعه؟

تتابع السيدة شعبان فتقول في نفس المقال "إن الوهم الذي يعيشه بعض العرب عن قدرات خصومهم الأسطورية، من جهة، وعن أوهام ضعفهم من جهة أخرى هو في معظمه نتاج حالة الإحباط واليأس الذي يسرّبه الأعداء بهدف سلب إرادتنا". ماأجمله من قول! فالأمة العربية اليوم متضامنة تعيش تحت ظلال الولايات المتحدة العربية وتزدهر يوماً بعد يوم. والمواطن العربي يترنح في الرخاء والنعيم ويتمتع بحرياته وحقوقه الكاملة التي يحفظها له جيش الأمة العربية المتحدة ذو الأساطيل الحربية والأسلحة النووية الذي يضمن له سلامته وسلام أمنه من مايخطط له أعداء هذه الأمة. خصومنا ضعفاء وأوهامنا في قدراتهم إن كانت تعبر عن شعورنا الحقيقي ماهي إلا المسببة لحالة الإحباط واليأس التي يعيشها شعبنا العربي. فالمواطن العربي يملك حريته الكاملة وسيادته المطلقة وإرادته الجبارة لتقرير مصيره ممثلة في إنتخابات حرة لقياداته الحكيمة، وحكومات تعبر عن مشاعر شعبها وكل مايسربه الأعداء من شائعات عن خلافات العرب بين بعضهم في إعلامه هو خطة تأمرية تهدف لإحباط النفس والوهن من عزيمة الأمة العربية المتحدة. نعيش اليوم في وهم نحبكه في خيالانا وأحلامنا، فنحن أمة متماسكة في صلبها تصد أي عدوان عليها بالمواجهة المباشرة من قبل أبطال العروبة المسلحين ممثلين في حزب الله ومقاتلينه الشجعان الذين لايبالون في التضحية بلبنان كاملاً مقابل الإحتفاظ بسلاحهم. العرب اليوم على القدرة للحفاظ على روح الممانعة والمواجهة لأنهم أصحاب إرادة متينة وإيمان لايرتعش، فهاهم اليوم ينتصرون سياسياً على أكبر دولة في العالم وعميلتها المزروعة في أرضهم و يتحدون خصومهم الأسطوريين ويخفقوا مشروعهم الإستعماري.

فلا تحزنوا أو تيأسوا أيها الأخوان العرب فنحن خير أمة للناس وبالإرادة العربية والأخوة الصادقة سننتصر على جميع أعدائنا. فسوريا اليوم مازال يحكمها وزراء صادقين ذو جلالة مشرفة، يؤمنون أنهم أصحاب حق ومبدأ، وأن دولتهم أقوى من الحديد والمخابرات.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الديمقراطية بين براثن الديبلوماسية العربية والسلطوية

Syria enters into the Islamic Resistance Den

قراءة موضوعية لموقع الناقد