نحن وجبهة الخلاص والإخوان المسلمين
أثار البيان الصادر بتاريخ السابع من كانون الثاني 2009 عن جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، والتي علقت الجماعة فيه مايسمى بنشاطها المعارض و"دعوة النظام السوري للمصالحة مع شعبه"، الكثير من اللغط والسخط والإشمئزاز على أعضاء الجماعة بسبب أنفرادية الفكر والعمل السياسي في صفوف قياديها. ومن يتابع تاريخ الإخوان المسلمين يعرف تماماً أن ماجاء به البيان من موقف مخاذل لقضية شعب ووطن سوري لايزال يرضخ تحت قبضة سلطة غاشمة تفتك بحريات المواطن السوري وتنتهك أدنى حقوقه المدنية، هو إحدى الصفات التي تميزت بها أعضاء الجماعة منذ أنقسامها على نفسها خلال صراعها الدموي المسلح مع السلطة السورية في أواخر السبعينات إلى منتصف الثمانينات من القرن المنصرم.
فقد سمعنا الكثير عن "الطليعة المقاتلة" التي أنشقت عن قيادة الجماعة أنذاك ورفضت أن تلقي السلاح أو تكف عن العنف في صراعها مع السلطة رغم محاولات عديدة من بعض القياديين المعتدليين في صفوف الجماعة أنذاك لإقناعهم بذلك. وتاريخ الخلافات الداخلية بين أعضاء الجماعة حافل بهذه الصدامات الأيديولوجية الناتجة عن إجتهادات شيوخها ومفكريها وتعدد مدارسهم و مذاهبهم الدينية والفقهية.
ولكن الأمر اليوم ليس في ماجاء به البيان واضحاً والذي أصاب معظم أطراف المعارضة السورية بالصدمة لموقف الجماعة المتسامح تجاه النظام السوري، فنحن نعرف أن اليوم ليس في جعبتهم على الصعيد السياسي أوالتنظيمي في خارج أو داخل القطر مايجعلهم يشكلون خطراً حقيقياً على هذا النظام، ولكن ماتنشده الجماعة اليوم من حوار مع النظام "للمصالحة مع شعبه" كما جاء في البيان هو طلب العفو والرحمة عليهم من الطاغية الرشيد في دمشق. وبذلك تكون الجماعة قد أعطت الشرعية لنظام غير شرعي وأعترفت بمهرجانات الأستفتاء التي يقيمها النظام كل سبعة سنين ويستند عليها لبقائه في الحكم.
و ماأثار غضب وسخط أعضاء وأحزاب وجماعات المعارضة السورية وأغلبية أعضاء جبهة الخلاص الوطني في سوريا التي تضم جماعة الإخوان من موقفهم الإستسلامي المتخاذل والذي يعتبر خيانة وطعن في الظهر لجميع فصائل المعارضة السورية، هو المشروع الباطني الذي بدت معالمه واضحة تماماً في البيان المذكور. فالمعارضة السورية تعرف تماماً أن الخلاص من الإستبداد والقمع في سوريا كان ولايزال الهدف الأول والأخير في صراعهم مع النظام. ولكن جماعة الإخوان المسلمين في سوريا لاتعتبر اليوم هذا الهدف من أولوياتها، وقد جاء ذلك واضحاً في البيان، "وإنطلاقاً من أولوية القضية الفلسطينية"، وأيضاً "بإعتبارها القضية المحورية للأمة" ومن ثم تبريرهم لهذا الموقف "ويأتي موقفنا منسجماً مع الرأي العام العربي والإسلامي." ومحاولة جر الجبهة لإتخاذ موقف مماثل "ونقترح على الأمانة العامة في الجبهة أتخاذ موقف مماثل في هذا السياق". !!
لابد لنا هنا من السؤال، من هو المقصود بالأمة؟!!! أهي الأمة الإسلامية أم العربية أم أمة الممانعة المتمثلة بنظام الأسد وطهران وحزب الله وحماس؟
وقد فاجأنا بعض أعضاء الأمانة العامة في الجبهة بموقفهم المتسامح وأخرين بدفاعهم بضراوة عن الجماعة مع أنهم غير موافقين على ماجاء في بيان الجماعة. وطبعاً نحن في حزب الإنفتاح كنا على علم مسبق بما يجري خلف الستار بين الجماعة والنظام من وساطات عربية ودولية بينهم وبين النظام، مع أنهم يصرون على النفي لجميع ماورد من مصادر إخبارية متعددة في ذلك.
جبهة الخلاص الوطني اليوم تعاني التمزق والخلاف الأيديولوجي ضمن قيادتها من جهة وغياب العمل المؤسسي والتنظيمي من جهة أخرى وطبعاً هذا مايشكل العقم العملي في عملها الجبهوي اليوم. فهي تقف اليوم بين التيارين القومي العربي والإسلامي، مع أنها كانت ترنو ألى أستقطاب وأنضمام بقية التيارات السياسية والأيدولوجية لصفوفها، وهذا ماشجعنا نحن في حزب الإنفتاح العلماني على الإنضمام أليها. ونحن نرى أن هذان التياران اليوم أصبحوا يشكلون في ما بينهما الركيزة الأساسية لخطاب النظام السوري وسعيه لكسب مشاعر الجماهير الغاضبة وأحتوائها ومن ثم توجيهها نحو الخارج لدفع الضغوط عنه في مجال الإصلاح السياسي في سوريا. فأين الجديد في مشروع الجبهة؟ وأين الإلتزام من خطاب الجبهة الذي دعا للتعددية والتحرر من الإستبداد والشمولية و حق تقرير المصير للمواطن في سوريا؟
هذا الخلاف في صفوف الجبهة هو نتيجة حتمية للتغاضي عن الخطأ الفادح الذي أرتكبته الجبهة عندما أصدرت وثيقتها لرؤية الجبهة لسوريا المستقبل في مؤتمر برلين في 18-09-2007 وأكدت في البند الثاني على "التأكيد على الهوية الحضارية العربية والإسلامية للشعب السوري" والذي جاء بخطاب يتنافى تماماً مع البند الأول لنفس الوثيقة التي دعت ألى " بناء دولة ديمقراطية، دولة المؤسسات والقانون، يتساوى فيها المواطنون في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الدين أو الطائفة أو العرق أو الجنس، دولة تصون الحريات العامة والفردية وتحقق العدالة والمساواة ومبدأ تكافؤ الفرص وترفع مستوى معيشة المواطنين، دولة يتم فيها تداول السلطة عبر انتخابات حرة." فأين الديمقراطية والتعددية الحزبية ومبدأ المواطنة عندما نعطي هوية "عربية إسلامية" لهذه الدولة؟
دولة "العلم والمعرفة و الحداثة والأصالة" التي نادت بها الجبهة في ذلك المؤتمر لن تقوم على هوية محددة أو حضارة غائبة، الحجر الأساسي في الدولة الحديثة اليوم هو حماية الفرد وتعزيز مبدأ المواطنة وسيادة القانون وصيانة الحريات العامة المضمونة في مواثيق حقوق الإنسان الدولية. الدولة المدنية ليس لها دين أو عرق أو جنس أو هوية، وهي ناتج طبيعي لرغبة الإنسان في التعايش مع محيطه القريب والبعيد تحت سيادة القانون وحمايته. ملخص الكلام أن موقف جماعة الإخوان المسلمين في سوريا الذين يصفون أنفسهم بأنهم فصيل رئيسي في المعارضة السورية لم يكن مجرد خطأً إستراتيجاً أو خطاباً عفوياً غوغائياً بل على العكس، فقد كان موقف الإخوان من القضية الفلسطينية منذ زمن ثابتاً واضحاً وضوح الشمس، فهذا مانادى به الشيخ حسن البنا عندما تحدث عن فلسطين فقال واصفاً " (قلب أوطاننا وفلذة كبد أرضنا وخلاصة رأسمالنا وحجر الزاوية في جامعتنا ووحدتنا) وعليها ( يتوقف عز الإسلام أو خذلانه) "، وبذلك ينتهي الجدل، فالإسلام لجماعة الإخوان المسلمين أهم عندهم من وطن أو شعب أو سجين سياسي يقبع في سجون الطاغية الرشيد، فعن أي تحرير وبناء دولة مدنية سورية ديمقراطية يتحدثون؟
فقد سمعنا الكثير عن "الطليعة المقاتلة" التي أنشقت عن قيادة الجماعة أنذاك ورفضت أن تلقي السلاح أو تكف عن العنف في صراعها مع السلطة رغم محاولات عديدة من بعض القياديين المعتدليين في صفوف الجماعة أنذاك لإقناعهم بذلك. وتاريخ الخلافات الداخلية بين أعضاء الجماعة حافل بهذه الصدامات الأيديولوجية الناتجة عن إجتهادات شيوخها ومفكريها وتعدد مدارسهم و مذاهبهم الدينية والفقهية.
ولكن الأمر اليوم ليس في ماجاء به البيان واضحاً والذي أصاب معظم أطراف المعارضة السورية بالصدمة لموقف الجماعة المتسامح تجاه النظام السوري، فنحن نعرف أن اليوم ليس في جعبتهم على الصعيد السياسي أوالتنظيمي في خارج أو داخل القطر مايجعلهم يشكلون خطراً حقيقياً على هذا النظام، ولكن ماتنشده الجماعة اليوم من حوار مع النظام "للمصالحة مع شعبه" كما جاء في البيان هو طلب العفو والرحمة عليهم من الطاغية الرشيد في دمشق. وبذلك تكون الجماعة قد أعطت الشرعية لنظام غير شرعي وأعترفت بمهرجانات الأستفتاء التي يقيمها النظام كل سبعة سنين ويستند عليها لبقائه في الحكم.
و ماأثار غضب وسخط أعضاء وأحزاب وجماعات المعارضة السورية وأغلبية أعضاء جبهة الخلاص الوطني في سوريا التي تضم جماعة الإخوان من موقفهم الإستسلامي المتخاذل والذي يعتبر خيانة وطعن في الظهر لجميع فصائل المعارضة السورية، هو المشروع الباطني الذي بدت معالمه واضحة تماماً في البيان المذكور. فالمعارضة السورية تعرف تماماً أن الخلاص من الإستبداد والقمع في سوريا كان ولايزال الهدف الأول والأخير في صراعهم مع النظام. ولكن جماعة الإخوان المسلمين في سوريا لاتعتبر اليوم هذا الهدف من أولوياتها، وقد جاء ذلك واضحاً في البيان، "وإنطلاقاً من أولوية القضية الفلسطينية"، وأيضاً "بإعتبارها القضية المحورية للأمة" ومن ثم تبريرهم لهذا الموقف "ويأتي موقفنا منسجماً مع الرأي العام العربي والإسلامي." ومحاولة جر الجبهة لإتخاذ موقف مماثل "ونقترح على الأمانة العامة في الجبهة أتخاذ موقف مماثل في هذا السياق". !!
لابد لنا هنا من السؤال، من هو المقصود بالأمة؟!!! أهي الأمة الإسلامية أم العربية أم أمة الممانعة المتمثلة بنظام الأسد وطهران وحزب الله وحماس؟
وقد فاجأنا بعض أعضاء الأمانة العامة في الجبهة بموقفهم المتسامح وأخرين بدفاعهم بضراوة عن الجماعة مع أنهم غير موافقين على ماجاء في بيان الجماعة. وطبعاً نحن في حزب الإنفتاح كنا على علم مسبق بما يجري خلف الستار بين الجماعة والنظام من وساطات عربية ودولية بينهم وبين النظام، مع أنهم يصرون على النفي لجميع ماورد من مصادر إخبارية متعددة في ذلك.
جبهة الخلاص الوطني اليوم تعاني التمزق والخلاف الأيديولوجي ضمن قيادتها من جهة وغياب العمل المؤسسي والتنظيمي من جهة أخرى وطبعاً هذا مايشكل العقم العملي في عملها الجبهوي اليوم. فهي تقف اليوم بين التيارين القومي العربي والإسلامي، مع أنها كانت ترنو ألى أستقطاب وأنضمام بقية التيارات السياسية والأيدولوجية لصفوفها، وهذا ماشجعنا نحن في حزب الإنفتاح العلماني على الإنضمام أليها. ونحن نرى أن هذان التياران اليوم أصبحوا يشكلون في ما بينهما الركيزة الأساسية لخطاب النظام السوري وسعيه لكسب مشاعر الجماهير الغاضبة وأحتوائها ومن ثم توجيهها نحو الخارج لدفع الضغوط عنه في مجال الإصلاح السياسي في سوريا. فأين الجديد في مشروع الجبهة؟ وأين الإلتزام من خطاب الجبهة الذي دعا للتعددية والتحرر من الإستبداد والشمولية و حق تقرير المصير للمواطن في سوريا؟
هذا الخلاف في صفوف الجبهة هو نتيجة حتمية للتغاضي عن الخطأ الفادح الذي أرتكبته الجبهة عندما أصدرت وثيقتها لرؤية الجبهة لسوريا المستقبل في مؤتمر برلين في 18-09-2007 وأكدت في البند الثاني على "التأكيد على الهوية الحضارية العربية والإسلامية للشعب السوري" والذي جاء بخطاب يتنافى تماماً مع البند الأول لنفس الوثيقة التي دعت ألى " بناء دولة ديمقراطية، دولة المؤسسات والقانون، يتساوى فيها المواطنون في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الدين أو الطائفة أو العرق أو الجنس، دولة تصون الحريات العامة والفردية وتحقق العدالة والمساواة ومبدأ تكافؤ الفرص وترفع مستوى معيشة المواطنين، دولة يتم فيها تداول السلطة عبر انتخابات حرة." فأين الديمقراطية والتعددية الحزبية ومبدأ المواطنة عندما نعطي هوية "عربية إسلامية" لهذه الدولة؟
دولة "العلم والمعرفة و الحداثة والأصالة" التي نادت بها الجبهة في ذلك المؤتمر لن تقوم على هوية محددة أو حضارة غائبة، الحجر الأساسي في الدولة الحديثة اليوم هو حماية الفرد وتعزيز مبدأ المواطنة وسيادة القانون وصيانة الحريات العامة المضمونة في مواثيق حقوق الإنسان الدولية. الدولة المدنية ليس لها دين أو عرق أو جنس أو هوية، وهي ناتج طبيعي لرغبة الإنسان في التعايش مع محيطه القريب والبعيد تحت سيادة القانون وحمايته. ملخص الكلام أن موقف جماعة الإخوان المسلمين في سوريا الذين يصفون أنفسهم بأنهم فصيل رئيسي في المعارضة السورية لم يكن مجرد خطأً إستراتيجاً أو خطاباً عفوياً غوغائياً بل على العكس، فقد كان موقف الإخوان من القضية الفلسطينية منذ زمن ثابتاً واضحاً وضوح الشمس، فهذا مانادى به الشيخ حسن البنا عندما تحدث عن فلسطين فقال واصفاً " (قلب أوطاننا وفلذة كبد أرضنا وخلاصة رأسمالنا وحجر الزاوية في جامعتنا ووحدتنا) وعليها ( يتوقف عز الإسلام أو خذلانه) "، وبذلك ينتهي الجدل، فالإسلام لجماعة الإخوان المسلمين أهم عندهم من وطن أو شعب أو سجين سياسي يقبع في سجون الطاغية الرشيد، فعن أي تحرير وبناء دولة مدنية سورية ديمقراطية يتحدثون؟
تعليقات